تعتبر القراءة والمطالعة من الهوايات النافعة، التي تحقق لصاحبها متعةً وإفادةً في آنٍ واحد. فهي تُنمِّي فكره وثقافته، وتُكسِبه مفردات ومعاني لغوية تجعله قادرًا على التعبير والنقاش بشكل أفضل، إلى جانب تنشيط الدماغ بالتفكير والتحليل؛ فتقضي على العديد من الأمراض مثل: الزهايمر، والاكتئاب، والأرق… ولكن هل يوجد فرق بين القراءة والمطالعة؟
هل يوجد فرق بين القراءة والمطالعة؟
القراءة والمطالعة وجهان لعملة واحدة، فإذا افترق اللفظان، دلّا على معنًى واحدٍ وهو اكتساب المعرفة من خلال قراءة الكتب أو الاطلاع عليها.
أمّا إذا ذكرت القراءة والمطالعة معًا، فالفرق بينهما كالفرق بين الإنصات والاستماع؛ فتدلّ القراءة على الفهم والإدراك، ويدل الاطلاع على الرؤية الشاملة والمعرفة العامة للموضوع.
وبذلك فالقراءة هي قراءة كتابٍ ما، والمطالعة هي قراءة فكرةٍ ما!
ما معنى القراءة؟ وما هي أقسامها؟
القراءة هي عملية عقلية تتضمن تفسير الرموز والحروف المكتوبة إلى كلمات يمكن فهم معانيها. وتنقسم إلى قسمين: قراءة صامتة وقراءة جهرية، وكلاهما يعتمد على تذوق الألفاظ، والغوص في المعاني والأفكار؛ من خلال قراءة ما بين السطور للوصول إلى مرحلة الفهم والإدراك، واستنباط كل ما أراده المؤلف من كتابه، وربما يصل إلى معانٍ أكثر مما قَصَدَها المؤلف.
ما المطالعة؟ وما هي أقسامها؟
أما المطالعة فلا تشترط الوقوف على الكلمات حرفًا حرفًا، ولكن تتميز بسرعة التحصيل من خلال تصفح الكتاب بالعين المجردة فقط دون القراءة. كأن يبحث المُطالِع عن معلومة أو فائدة معينة داخل الكتاب أو المقالة.
وتنقسم المطالعة إلى مطالعة عامة: لاكتساب معلومات أو أخبار عامة، مثل الاطلاع على الجرائد والمجلات وتصفح الانترنت، ومطالعة متخصصة: يبحث فيها المطالع داخل العديد من الكتب والمصادر عن موضوع خاص، فيحصل خلال فترة قصيرة على معلومات وفيرة عنه.
أيهما أفضل القراءة أم المطالعة؟
لا شك أن القراءة هي مفتاح العلوم، وبها ترقى الأمم وتتقدم الشعوب؛ فالقراءة هي وسيلة ربط الماضي بالحاضر، ونقل تراث العقل البشري بين الأجيال، بالإضافة إلى ما تقوم به من توسيع الأفق الإدراكي والمحصول اللغوي للقراء.
ولكن مع ازدياد سرعة نسق الحياة، لم يعد يجد معظم الأشخاص الوقت الكافي لقراءة كتاب أو رواية كاملة، أو مقالة طويلة؛ فلجأوا إلى المطالعة السريعة من خلال الانتقال سريعا بين أجزاء عدة كتب أو من المقالات عبر الهاتف أو الكتب الإلكترونية في أوقات متفرقة، وبدأت القراءة العميقة المتأنية في التراجع، وظهر ما يُسمى “المطالعة المشتتة” التي تجلب الكثير من المعلومات بسهولة وسرعة، مما أدى إلى جمود في تفكير القارئ وتراجع قدرته على الاستنباط والاستنتاج، واعتماده على المعرفة الجزئية السريعة.
أما إتقان مهارة “المطالعة المنتظمة“، فتُكسب المطالع خلاصة عدة كتب، لو قرأها حرفًا حرفًا لاستغرق وقتًا ثمينًا وفوّت عليه تحصيل علمًا أنفع، كما تعمل “المطالعة المنتظمة” على تنشيط العقل، حيث يسير الذهن بسرعة أكبر من سرعة العين خلال القراءة.
لذلك، يجب على القارئ ألا يعتمد على الاطلاع السريع المشتت، بل يتأنى في اختيار الكتب التي تنمي من تفكيره ومهاراته وثقافته، ويقضي وقت أكثر مع الكتاب.
كيف تستمتع بوقتك مع الكتاب من خلال مطالعته؟
مع ضغوطات الحياة، وإيقاعها السريع مع عناء العمل، فإن أفضل ما تقوم به، هو اقتطاع وقتًا من يومك تجالس فيه كتابك لينطلق بك إلى أي مكان تريده، فيأخذك للماضي: إذا قرأت في كتب التاريخ والحضارات، أو إلى المستقبل ليطير بك في عالم من الخيال، أو يكسبك مهارات حياتية وسبل التعامل مع الآخرين من خلال القراءة الواقعية … وغيرها من مختلف الآداب والعلوم.
1- بدايةً، تجنَّب القراءة وقت الشعور بالتعب والإجهاد حتى لا ينعكس الشعور على القراءة فتملّ منها.
2- عليك أن تبدأ باختيار التصنيف الذي تفضله، وابدأ بالكتب صغيرة الحجم حتى تشعر بالإنجاز والحماس لقراءة كتاب آخر!
3- قم بقراءة الفهرس والمقدمة لتتأكد من مناسبة محتوى الكتاب لك، واختر الفكرة أو العنوان الذي يناسبك لتطالعه، ويمكنك تجميع أفكار أخرى من كتاب آخر، وكتاب ثالث؛ وهكذا للتعمق في الموضوع الذي تقصد به تلك الكتب، حتى تتمكن من الإلمام بمعلومات عنه من أكثر من مصدر ورؤية للموضوع.
4- استعِنْ كذلك بالكتب الرقمية على هاتفك الذكي، قم بتحميل الكتب التي تستعرض أجوبة لأسئلتك حول موضوع ما، أو استخدم جوّالك أيضًا في تصفح قائمة المقالات والنقاشات -عبر الانترنت- حول موضوع اهتمامك، وانتقل بين صفحاتها وعناوينها، لتصل إلى بغيتك، دون أن تُحمِّل نفسك عناء قراءة كاملة لكل كتاب.
أيًّا كانت طريقتك في تحصيل العلوم والمعرفة، إما بالقراءة أو مطالعة الكتب، فالأهم هو ألا يضيع يومًا من عمرك بدون اكتساب معلومات مفيدة.
إن مطالعة أفكار وقطوف من الكتب تسلك بك فِجاج الأسئلة وتُرضي تطلُّعك للاستكشاف ورغبة التعلُّم، من ممر قصير. ربما لا تبلغ بك أسرار العلوم، لكنها تفتح لك أبوابًا من الحكمة والفهم وتحصيل الآداب والتمتع بآثار وخبرات الآخرين.
فهل لا زلت لا تجد وقتًا للقراءة، بعد أن تعرّفت على حيلة مطالعة الكتب؟