منذ متى لم تقرأ كتابًا أو مقالة قيِّمة في مجلة؟ هل تقتصر قراءاتك اليومية على قراءة التغريدات ومنشورات الفيسبوك والتعليمات الموجودة على علبة الشوفان سريع التحضير؟! إذا كنت -مثل العديد من الأشخاص- لا تقرأ بانتظام، فأنت بالتأكيد لا تعرف أن للقراءة فوائد عديدة! سنتطرق إليها في هذا المقال:
1- التحفيز العقلي:
أظهرت الدراسات أن تحفيز العقل باستمرار يمكن أن يبطئ (وربما يمنع) تطور مرض الزهايمر والخَـرَف؛ لأن الحفاظ على العقل نشيطًا يمنعه من فقدان قوته. ومثل أي عضلة في الجسم، يحتاج العقل إلى التمرين ليظل يقظًا ومُعافًى، لذلك فإن هذه العبارة «كل شيء إن لم تستخدمه ستفقده» هي سديدة بالتأكيد عندما يتعلق الأمر بعقلك.
كما وُجِدَ أيضًا أن حل الألغاز ولعب ألعاب مثل الشطرنج مفيدًا في التحفيز المعرفي.
2- تخفيف الضغط العصبي:
أيًّا كان مقدار الضغط العصبي الذي تتعرض له في عملك أو في العلاقات الشخصية أو في مواقف يومية لا حصر لها، فإنه يتلاشى وأنت تقرأ قصة شيِّقة. يُمكن لقصة مسرودة بطريقة رائعة أن تنقلك إلى عوالم أخرى، كما أن قراءة مقالة أخّاذة يساعد على تقليل التوتر وصفاء الذهن.
3- قوة المعرفة:
كلما قرأت، كلما امتلأ عقلك بمعلومات جديدة قد تحتاجها في يومٍ ما. وكلما زادت معرفتك، كلما كنت مُسلحًا بشكل جيد لمواجهة أي تحدٍ.
لنتأمل الأمر، عندما تواجهك ظروف أليمة، قد تفقد أي شيء، وظيفتك أو ممتلكاتك أو مالك أو حتى صحتك، ولكن لا يمكن لأحد أن يسلبك معرفتك!
4- زيادة الحصيلة اللُغوية:
لهذه الفائدة علاقة بما قبلها؛ فكلما قرأت أكثر، كلما زادت حصيلتك اللُغوية وهو ما يؤثر بالتأكيد على الكلمات التي تستخدمها في حياتك اليومية. تُعد الفصاحة والقدرة على التحدث بلباقة من المهارات المهمة في أي مهنة؛ فمعرفتك بأنك قادر على التحدث مع مدرائك واثقًا من نفسك، يعزز من احترامك لذاتك بشكل كبير. وكونك فصيحًا أيضًا سيساعدك في مسيرتك المهنية؛ لأن الأشخاص الذين يقرأون ويتحدثون بلباقة وعلى قدر عالٍ من المعرفة بموضوعات متنوعة غالبًا ما يحصلون على ترقيات بشكل أسرع (وأكثر) من الأشخاص ذوي الحصيلة اللغوية الضعيفة وانعدام المعرفة بالتطور الأدبي والعلمي والأحداث العالمية.
تعتبر قراءة الكتب أيضًا مهمة في تعلُّم لغات جديدة حيث أن الشخص الذي يتعلم لغة أجنبية يتعرض لكلماتها في السياق، مما يساعده على كتابة هذه اللغة والتحدث بها بفصاحة.
5- تقوية الذاكرة:
عندما تقرأ كتابًا، عليك أن تتذكر ترتيب الشخصيات وخلفياتهم وطموحاتهم وتاريخهم والفروق الدقيقة بينهم، وأيضًا التغيرات التي تحدث للشخصيات على مدار القصة والحبكات الفرعية التي تُجمِّل أي قصة. ليست هذه الأشياء بالقليلة لتتذكرها ولكن العقول مذهلة ويمكنها تذكُّر الأشياء بسهولة نسبيًا. ومن المدهش أيضًا أن أي ذاكرة تحفظها تُكَوِّن تشابكات عصبية جديدة (ممرات دماغية) كما أنها تقوي التشابكات العصبية الموجودة، مما يساهم في استدعاء الذاكرة قصيرة المدى واستقرار الحالة المزاجية. كم هذا رائعًا!
6- صقل مهارات التفكير التحليلي:
هل قرأت يومًا قصة تحتوي على لغز و وصلت لحله بنفسك قبل إنهاء القصة؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فقد كنت قادرًا على تفعيل التفكير الناقد والتحليلي عن طريق ملاحظة جميع التفاصيل وتصنيفها لحل اللغز كما يحدث في «رواية الجريمة».
وتُستخدم هذه القدرة على تحليل التفاصيل أيضًا عند نقد الحبكة لتحديد ما إذا كانت القصة مسرودة بطريقة جيدة، وهل كان تحول الشخصيات مناسبًا، وهل سارت الحبكة بشكل سَلِس، وما إلى ذلك. وبذلك إذا أُتيحت لك فرصة مناقشة كتاب مع آخرين، ستكون قادرًا على إبداء رأيك بوضوح؛ لأنك فنّدت جميع العناصر جيدًا.
7- تحسين القدرة على التركيز:
في عالمنا المهووس بالإنترنت، نفقد تركيزنا بملايين الطرق لأننا نقوم بمهام متعددة في نفس الوقت يوميًا؛ حيث يُمكن للشخص العادي أن يُقسِّم فترة زمنية مدتها خمس دقائق بين العمل على مهمةٍ ما وتصفح البريد الإلكتروني والدردشة مع أكثر من شخص (عن طريق gchat أو skype، إلخ)، مع متابعة الجديد في موقع التواصل الاجتماعي تويتر، مع التحقق من هاتفه، وأيضًا التواصل مع زملاء العمل. يعمل هذا السلوك المشابه لمرض اضطراب نقص الانتباه (ADD) على زيادة الشعور بالإجهاد وبالتالي انخفاض الإنتاجية.
عندما تقرأ كتابًا، فإن كل تركيزك ينصب على القصة ويختفي كل الضجيج من حولك وتغوص في أعماقها. جرِّب أن تقرأ لمدة 15-20 دقيقة قبل العمل (مثلًا في المواصلات أثناء توجهك لعملك)، وستتفاجأ بمقدار تركيزك عند وصولك للعمل وبدء مهامك.
8- تحسين مهارات الكتابة:
تتحسن مهارات الكتابة بالطبع مع زيادة الحصيلة اللغوية؛ فقراءة قصة مكتوبة بشكل جيد يؤثر على مهارة الكتابة لدى الشخص تأثيرًا ملحوظًا؛ فملاحظة إيقاع وانسيابية وأساليب كتابة الكُتَّاب الآخرين سيؤثر بالتأكيد على طريقة كتابتك. فكما يُلهِم الموسيقيون بعضهم البعض، ويستعين الرسامون بالأساليب المستخدمة في لوحاتٍ سابقة، يتعلم الكُتَّاب كيفية الكتابة عن طريق قراءة أعمال الآخرين.
9- الشعور بالسَكِينة:
بالإضافة إلى الشعور بالاسترخاء المصاحب لقراءة أي كتاب جيد، فالموضوع أيضًا الذي تقرأ عنه يمكن أن يمدك بقدر هائل من السلام الداخلي والسَكينة؛ فقراءة الكتب الدينية يمكن أن تخفض ضغط الدم كما أنها تشعرك بقدر كبير من الهدوء، في حين أن قراءة كتب التنمية الذاتية اتضح أنها تساعد الأشخاص الذين يعانون من تقلبات مزاجية واضطرابات نفسية خفيفة.
10- تسلية مجانية:
على الرغم أن كثير من الناس يفضلون شراء الكتب المطبوعة حتى يتمكنوا من تدوين الملاحظات وطي جزء من الصفحة كي تكون مرجعًا لهم عند معاودة قراءة الكتاب، إلا أن هذا الأمر قد يكون مُكلِّفًا. ولكن يمكنك أن تتسلى بميزانية أقل عن طريق الذهاب إلى أي مكتبة محلية والتَّنَعُّم بالكتب المجانية التي لا حصر لها؛ حيث تحتوي المكتبات على كتب حول جميع الموضوعات التي يمكن أن تتخيلها، كما أنها تضم كتبًا جديدة دائمًا وبذلك لن ينفذ مخزون الكتب أبدًا.
إذا لم يكن هناك مكتبة محلية في منطقتك أو إذا كنت معاقًا حركيًا ولا تستطيع الذهاب إلى المكتبة بسهولة، فإن معظم المكتبات توفر الكتب بصيغة PDF أو ePub كي تتمكن من قراءتها على القارئ الإلكتروني (e-reader) أو الآيباد أو شاشة الحاسوب. وأيضًا هناك العديد من المصادر على شبكة الإنترنت التي تتيح تحميل الكتب الإلكترونية مجانًا، لذا لا تفوت الفرصة وابدأ في قراءة شيء جديد الآن!
لكل شخص مثقف على الكوكب ذوقًا مختلفًا في القراءة، وسواء كنت تحب قراءة الكلاسيكيات أو الأدب أو الشعر أو مجلات الموضة أو السير الذاتية أو الكتب الدينية أو الكتب الشبابية أو كتب التنمية الذاتية أو كتب الأدب الخيالي المدني أو القصص الرومانسية، فدائمًا ستجد ما يُشبع فضولك ويُثري خيالك. جرِّب أن تبتعد عن الُمشتتات ووسائل التواصل الاجتماعي لبعض الوقت، وافتح كتابًا لتُغذِّي روحك!