قد يقرأ كثير من الآباء القصصَ لأطفالهم قبل النوم؛ كوسيلة لتهدئتهم وسبيل إلى دخولهم في النوم بشكل أسرع، لكن هل تعلم أن القصص تترك أثرًا كبيرًا في حياة أطفالكم ونموهم الذهني؟ فتعمل على تعديل سلوكهم وتصرفاتهم، وتمنحهم القدرة على التركيز وتقوي مخيلتهم؛ بالاندماج داخل أحداث القصة، وتُزِيد من فَهْمِهِم للأشياء وللحياة والبيئة المحيطة بهم.
إن قراءة القصص للأطفال تُنمّي من مهارة الاستماع لديهم، وتقوي الذاكرة وسرعة الحفظ والاستيعاب لديهم، كما تزودهم بالمعلومات والخبرات الثقافية والنفسية والسلوكية. فهل نجد وقتًا في الوقت الحاضر وازدحامه، نقضيه في قراءة قصة مع أطفالنا؟
كما تُعتبر قراءة القصص للأطفال، مصدرًا للمتعة والتسلية والتربية في آن واحد، وتُكسِبُهم مفرداتٍ ومهاراتٍ لُغوية، لم تكن تُستخدَم في حياتهم اليومية، فيقضون وقتاً ممتعاً في سماعها ومتابعة أحداثها بكل حماسٍ وشغفٍ.
القصة الإلكترونية.. ما هي؟
ومع انتشار التكنولوجيا في السنوات الأخيرة، ظهر نوع جديد من القصص، يدمج بين القصص الورقية التقليدية والتقنية الحديثة؛ باستخدام الوسائط المتعددة: من الصور الثابتة، والرسوم المتحركة، والفيديوهات، والخلفيات الموسيقية، والتأثيرات الصوتية، أو التعليق الصوتي.
فالقصة الإلكترونية يتم إنتاجها وحفظها ونشرها باستخدام الوسائط الرقمية، وأي شخص بإمكانه أن يحكي قصة بصوته أو ينتجها في شكل فيديو قصير أو ملف صوتي، وينشرها عبر الإنترنت، أو إسطوانات CD أو DVD. كما يمكنه استخدام سلسلة من الصور الثابتة أو المتحركة ليحكي مجموعة من الأحداث المشوّقة مع الموسيقى التصويرية، مع إضفاء الألوان الزاهية على النصوص؛ مما يجعلها أكثر حيوية ومتعة للأطفال.
على أي نسق تأتي القصة الإلكترونية؟
يمكن تصنيف القصة الإلكترونية وفقًا لطريقة إعدادها إلى:
القصص النصيّة: وتكون نسخة إلكترونية مقروءة من القصص الورقية، ولكن تتميز بإمكانية تغيير حجم الخط لتساعد الأطفال على قراءتها بسهولة.
القصص الفوتوغرافية Photo stories: وتحتوي على مجموعة من النصوص والصور والرسومات لتقديم موضوع معين، باستخدام العروض التقديمية Presentations.
مقطوعات الفيديو Video clips: ويتم فيها دمج الصور والنصوص والموسيقى وتسجيل المحادثات والتعليقات الصوتية.
قصص الواقع المعزز Augmented reality based stories: يتم تقديمها باستخدام كاميرا الهاتف الذكي لتنقل الصورة المحيطة بالطفل على شاشة الهاتف، وتقدم له صور رسومية متحركة بحركات ثلاثية الأبعاد -غالبا- تتفاعل مع الواقع المشاهد حوله، لتقديم قصة أو تفاعل أشبه بالألعاب الإلكترونية، فيه المزيد من الإثارة والتشويق والمحاكاة الحية لأحداث القصة.
القصص الورقية أم القصص الإلكترونية؟
تعتبر القصص الإلكترونية أحد أنواع الأدب التفاعلي، الذي يتيح للطفل مساحة واسعة للتفاعل والإبداع، بإعطائه فرصة للمساهمة والإنتاج في محتوى القصة، قد تتعدى مساحة المُبدِع الأصلي؛ فتساعد على شحذ الأذهان والتحفيز وتنمية الحسّ الأدبي للطفل، وبسْط أُفُق الخيال لديه، ليكون بطل قصته التي يرويها بنفسه، أو يؤلف قِصَصًا شيقة وممتعة من نسْج خياله!
ومع ما تتمتع به القصص الإلكترونية من جاذبية الألوان، والتأثيرات الصوتية والمرئية والرسومات المتحركة، فإن القصص الورقية التقليدية تُنمِّي لدى الطفل حب القراءة، بامتلاكه قصته التي يقرأها في أي وقت يشاء، ويقلب صفحاتها بيديه ويحكيها بنفسه، بالإضافة إلى أنها أكثر راحة للعين وأمان للطفل.
إن القصص والحكايات التي تُقرأ على الأطفال منذ الصغر سواء كانت ورقية أو إلكترونية، تزيد من رغبتهم في القراءة بأنفسهم فيما بعد؛ وتُنمّي قدراتهم الإبداعية من خلال مشاركتهم في حكي الحكاية، وتُشعرهم بالحب والأمان في جلسة الحكي التي يسودها الود والاسترخاء والمتعة.
أنواع القصص من حيث موضوعها:
يمكن تصنيف القصص من حيث موضوعها إلى:
قصص واقعية: مستمدة من الواقع الذي يعيشه الطفل، وتهدف إلى تصحيح مفاهيمه الاجتماعية، وإكسابه مهارات وسلوكيات عملية.
وقصص خيالية: تقوم على افتراض شخصيات وأعمال لا وجود لها في الواقع، فتنمي معرفة الطفل بالكون والكائنات الطبيعية المختلفة، ثم يتحول الطفل بالتدريج إلى الاقتراب من الحقيقة.
وتوجد القصص الفكاهية: التي تُدخِل السرور والمرح على نفوسِهم، وتُحبب القراءة لهم وتجعلهم يُقبلون عليها.
بالإضافة إلى القصص التربوية: التي تركز على غرس القيم والمبادئ في الأطفال منذ الصغر بطريقة مُقنِعة وشيّقة.
قصص المغامرات: التي يفضلها الكثير من الأطفال، لأنها تعتمد على التشويق وإثارة الذهن وفرض التوقعات المختلفة، والاستكشاف والمخاطرة.
والقصص الشخصية أو قصص السير الذاتية: التي تحتوي على سرد لأحداث مهمة في حياة شخص ما، ويكون عرضها سبب في نقل خبرات وفوائد لأشخاص آخرين.
كما تتميز القصص التاريخية: بعرض أحداث مثيرة حدثت في الماضي، وتجسيد شخصيات ومواقف، مع الاستعانة بصور ولقطات أرشيفية مثل الأفلام الوثائقية.
أما القصص التعليمية: فتستخدم وسائل التكنولوجيا المختلفة لإثارة انتباه المتعلمين، وتقديم المواد العلمية بصورة سهلة وممتعة. لا سيما إن كانت قصة إلكترونية لزيادة التفاعل مع الصورة والفيديو وأحيانا تجارب الواقع الافتراضي والمعزز virtual & augmented reality الذي يُدخل الطفل للتفاعل داخل التجربة العلمية بنفسه.
إن الطفل يسبح بخياله الواسع، ويعيش أحداث القصة التي يقرأها أو ترويها له؛ لذلك فعليك اختيار القصص الهادفة الشيقة، وهذه بعض (تطبيقات قصص إلكترونية للأطفال) التي اخترناها لكم لاحتوائها على مجموعة من القصص التفاعلية الهادفة.
يقرأونها أم نقرأها لهم؟
وعند قراءة القصة مع طفلك، عليك بتغيير وتيرة صوتك بما يلائم أحداث القصة، واستخدام الصمت والتوقف لإضفاء تأثير دراماتيكي، مع تغيير ملامح وجهك وجسمك والنظر الدائم لطفلك للحفاظ على تركيزه.
أما إذا كان يمكنه قراءة القصص بمفرده، فدورك في فتح حوار ما بعد القصة، لاستنباط الفوائد منها، ومشاركة طفلك والتفاعل معه لتدرك ويُدرك معك ما الذي استخلصه أو تعلمه منها أو أثّر في وجدانه من القصة.
